أخبار الأردن - آخر الأخبار المحلية والعالمية أخبار الأردن

“المدينة الإنسانية”.. واجهة خادعة لنكبة جديدة في رفح

2025-07-15 0 مشاهدة محليات

السبيل – وكالات

في تطور بالغ الخطورة، تُواجه غزة مجددًا مشروعًا إسرائيليًا يوصف بأنه “إعادة إنتاج للنكبة” تحت لافتة إنسانية، يتمثل في إقامة ما يُعرف بـ”المدينة الإنسانية” أو “مدينة الخيام” شرقي رفح، كمخطط يُنذر بتحوّل جذري في إدارة السكان الفلسطينيين عبر سياسات العزل والاحتجاز الجماعي.

ويرى باحثون وحقوقيون، أن هذا المشروع لا ينفصل عن السياسات الاستعمارية الممنهجة التي تتّبعها “إسرائيل” منذ عقود، بل يمثل امتدادًا لمحاولات تفريغ الأرض من سكانها الأصليين، وفرض وقائع ديمغرافية وجغرافية جديدة تمهيدًا لتسويات ما بعد الحرب.

وتحذر تقارير وبيانات حقوقية من أن ما يُسوّق على أنه “حلّ إنساني مؤقت”، ليس سوى واجهة لتهجير قسري ممنهج، يستخدم أدوات “الإغاثة” كغطاء لارتكاب انتهاكات جسيمة للقانون الدولي الإنساني، وسط صمت دولي وتواطؤ إقليمي.

في هذا السياق، تتعدد المواقف والرؤى الحقوقية والسياسية التي تكشف عن الوجه الحقيقي لهذا المخطط، وتضعه في خانة الجرائم الجماعية المستمرة بحق سكان قطاع غزة.

غيتو إسرائيلي

أكد الباحث والناشط في المجال الإغاثي أدهم أبو سلمية أن “ما تسوّقه إسرائيل تحت مسمى (المدينة الإنسانية) في رفح لا يعدو كونه محاولة لإعادة إنتاج غيتو معاصر، يُزج فيه مئات الآلاف من الفلسطينيين داخل منطقة مغلقة ومحاصرة، تحت رقابة عسكرية مشددة، تُقيّد فيها الحركة وتُفرض إجراءات أمنية جماعية تمسّ الكرامة الإنسانية، في تمهيد واضح لعملية تهجير قسري واسعة بعد استكمال تدمير ما تبقى من قطاع غزة.

وقال أبو سلمية: “المفارقة الأخلاقية الصارخة أن إسرائيل، التي تقوم على سردية النجاة من المحرقة، تعيد اليوم استخدام أدوات العزل الجماعي التي مورست بحق اليهود في أوروبا، ولكن ضد الفلسطينيين. فالمعازل التي وُصفت آنذاك بأنها حلول مؤقتة تحوّلت إلى مقابر جماعية، وها هي إسرائيل تُكرر ذات النموذج، مع اختلاف الضحية”.

وأضاف أن “المشروع يفتقر لأي مضمون إنساني، بل يُعدّ نموذجًا فجًا من التهجير القسري الجماعي، مغلفًا بشعارات الإغاثة والمساعدة، ويشكّل جريمة إضافية تضاف إلى سلسلة الجرائم المرتكبة ضمن سياق الإبادة الجارية في غزة”.

وأشار إلى أن “هذا النموذج الخطير يهدد بجعل العزل الجماعي أمرًا (طبيعيًا) ومقبولًا، وربما يتحوّل إلى سابقة قابلة للتكرار في ساحات أخرى، خاصة في ظل حالة الصمت العربي والإسلامي، والتي أراها تتجاوز الصمت إلى التواطؤ الصريح”.

وتابع: “هذا الغيتو الحديث، الذي يُروّج له كخطة إنسانية، ليس سوى معتقل جماعي بُني على أنقاض مدينة مدمّرة، هدفه إنهاء القضية الفلسطينية، عبر سلب الأرض، ومحو الذاكرة، وخنق الإنسان في صندوق موتٍ مغطى برداء العمل الخيري”.

واختتم بالقول: “المجتمع الدولي، كما الدول العربية والإسلامية، يخضع اليوم لاختبار أخلاقي فاضح، وقد أخفق فيه حتى اللحظة”.

انتهاك إنساني ممنهج

واعتبر مركز الدراسات السياسية والتنموية في ورقة تقدير، بعنوان “مدينة الخيام في رفح: نموذج احتجاز جماعي أم تهجير قسري؟، أن “هذا المشروع لا يأتي في سياق استجابة إنسانية لحالة النزوح الواسعة في غزة، بل يشكّل امتدادًا لسياسة هندسة سكانية قسرية، تهدف إلى تفكيك النسيج الجغرافي – الديمغرافي للقطاع، وفرض وقائع ميدانية جديدة قابلة للتوظيف في ترتيبات ما بعد الحرب”.

وأكدت الورقة أن “المخطط، في حال تنفيذه، يرقى إلى جريمة تهجير قسري واحتجاز جماعي غير قانوني، يخالف اتفاقيات جنيف والقانون الدولي الإنساني، ويضع حكومة الاحتلال تحت طائلة المسؤولية الجنائية الدولية، لا سيما أن الخطة ترتبط بتصنيفات أمنية مسبقة تهدف إلى التحكم بمصير المواطنين الفلسطينيين وحقهم في التنقل والعودة”.

كما قدّمت الورقة “مقارنة تحليلية بين (مدينة الخيام) المقترحة وبعض سمات معسكرات الاعتقال التي أقامها النظام النازي في ألمانيا، محذرة من إعادة إنتاج منطق العزل والسيطرة الجماعية تحت غطاء (الإدارة الإنسانية) للسكان، باستخدام أدوات مثل الفحص الأمني والخيام في مناطق مدمّرة خالية من مقومات الحياة”.

وتوقفت الورقة عند جملة من الأهداف الكامنة للمخطط الإسرائيلي، من بينها: “تفريغ مناطق الشمال والوسط، وإضعاف الهوية المجتمعية الفلسطينية، واحتكار السيطرة الجغرافية، وامتلاك ورقة ضغط تفاوضية للتحكم في ترتيبات (اليوم التالي) بعد انتهاء الحرب”.

وأوصت الورقة “بجملة من الإجراءات العاجلة، أبرزها: الضغط الدبلوماسي والقانوني لوقف تنفيذ المخطط فورًا، وتشكيل لجنة تحقيق دولية مستقلة لتوثيق الانتهاكات، ورفض أي شكل من أشكال بقاء الاحتلال في محور (موراج)، وتعزيز حملات التوعية الإعلامية لحماية وعي المواطنين ومنع انسياقهم خلف مخططات الاحتلال، ومطالبة المجتمع الدولي بضمان حق سكان غزة في العودة والعيش بحرية وكرامة، بعيدًا عن سياسات العزل والتحكم القسري”.

واختتم المركز ورقته بالتأكيد أن “الخطر الحقيقي لا يكمن فقط في إقامة (مدينة الخيام)، بل في استخدامها كنموذج دائم لإدارة سكان غزة عبر سياسات احتجاز جماعي وتجريد من الحقوق، مما يستدعي تحركًا فوريًا من كافة الأطراف الفلسطينية والدولية لمنع تنفيذ هذا المخطط الخطير”.

من جهتها، قالت الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني “حشد”، إن “هناك تطورًا خطيرًا يعكس نية الاحتلال الإسرائيلي، بدعم أمريكي، لتفريغ قطاع غزة من سكانه، وتدمير ما تبقى من معالم الحياة فيه”.

وأضافت الهيئة، في بيان، أن “المخطط يتمثل في إقامة مراكز تجميع سكاني شرقي مدينة رفح، تحت إشراف الجيش الإسرائيلي، وهو ما أكده وزير جيش الاحتلال، وحقق فيه عدد من وسائل الإعلام الأمريكية والإسرائيلية”.

وأشارت إلى أن “الخطة، التي تعرف باسم (أورورا)، أُعدّت من قبل شركة “بوسطن للاستشارات” (BCG)، بالشراكة مع (مؤسسة غزة الإنسانية) الأمريكية، وتهدف إلى نقل سكان غزة قسرًا إلى معسكرات مغلقة تخضع لسيطرة الاحتلال، في سياق عملية إبادة موازية تتضمن التجويع، ونشر الفوضى، وتدمير المنشآت المدنية”.

وأكدت “حشد” أن “الخطة تسعى إلى خلق ظروف معيشية كارثية لسكان غزة، تدفعهم إلى النزوح القسري، ومن ثم الهجرة خارج فلسطين، عبر تقديم إغراءات مالية تصل إلى 9000 دولار للفرد، في إطار ما تسوقه إسرائيل كـ”هجرة طوعية”.

وذكرت أن هذا المشروع “يجري بالتوازي مع رفض الاحتلال الانسحاب من محور (موراج) ومدينة رفح، رغم المفاوضات الجارية لوقف إطلاق النار، إضافة إلى ما كشفته وسائل إعلام عبرية عن تكليف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للجيش بإعداد خطة لنقل سكان شمال ووسط القطاع نحو الجنوب”.

ولفتت الهيئة إلى أن “الاحتلال يصر على عرقلة عمل المنظمات الدولية، وعلى رأسها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (أونروا)، ومحاولة استبدالها بمؤسسة (غزة الإنسانية) الأمريكية، التي تعمل بالشراكة مع شركات أمنية متورطة في دعم مخططات الاحتلال وتنفيذها”.

وأوضحت “حشد” أن هذه السياسات “أدت إلى وقوع مجازر بحق المدنيين الفلسطينيين، حيث استُهدف آلاف المواطنين الجوعى خلال محاولتهم الوصول إلى المساعدات الأمريكية – الإسرائيلية، ما أسفر عن استشهاد 815 مواطنًا، وإصابة 5250 آخرين، وفقدان 42”.

وختمت الهيئة بيانها بالتأكيد على أن “ما يجري في قطاع غزة هو جريمة إبادة جماعية وتهجير قسري ممنهج، يرمي إلى إعادة إنتاج النكبة، وتفريغ الأرض من سكانها، وتكريس منظومة استعمارية تستخدم الأدوات (الإنسانية) غطاءً لارتكاب الفظائع”.

The post “المدينة الإنسانية”.. واجهة خادعة لنكبة جديدة في رفح appeared first on السبيل.

المصدر: موقع أخبار الأردن

© 2025 جميع الحقوق محفوظة - موقع أخبار الأردن

تقييم الخبر
يجب تسجيل الدخول للتقييم
متوسط التقييم: 0.0/5 (0 تقييم)