نحن والفصول الأربعة

<p>يمر الإنسان منا بما يشبه بعض الفصول المناخية الأربعة فهناك ربيع العمر يقابله خريف العمر .<br>
من سمات ربيع العمر الحيوية والنشاط وعلو الهمة والطموح والعمل الدؤوب بلا كلل ولا ملل .<br>
حياة تحتمل الضجيج والصخب والزحام وتحمل الصعاب.<br>
حياه تشبه أشجار الربيع وارفة الأغصان تأنس بزقزقة العصافير وشدو البلابل .<br>
أغصان تحمل في ثناياها كافه العشاش رغم كثرتها وقد تختفي في ثناياها تربص الأفاعي أو العقارب أو تنسج العناكب بيوت الشر بين أغصانها.<br>
ورغم ذلك تبدو أغصانها في غاية الجمال لا سيما عندما تزهر زهورا مختلفة الألوان ليخرج منها روائح عطرية فواحة .</p>
<p>وما إن يهل فصل الخريف فإذا بأوراق الأشجار يعتريها الذبول وتبدأ بالإصفرار وتنحني نحو الأرض معلنة قرب نهاية عمرها لتبدأ بالتساقط كلما هبت نسمة ريح.<br>
وإذا اشتدت الرياح انهمر سقوطها كإنهمار حبات البرد.<br>
لتتكشف بعد ذلك كافة الأغصان وتتعرى ليظهر منها ما كان مخفيا من أغصان معوجة أو منحنية أو مستقيمة….الخ</p>
<p>هكذا الإنسان في فصل الخريف إذا تعاملت معه بالدرهم أو الدينار أو سافرت معه فسوف تتكشف حقيقة أمره وجوهر نفسيته.<br>
وأكثر ما يعريه موقفه من الأحداث الجسام فيظهر معدنه الحقيقي الذي طالما أخفاه طوال فترة الربيع.<br>
الأحداث الجسام بمثابة فصل الخريف ليكشف المستور وبواطن الأمور.</p>
<p>فهي كالنار التي تصهر المعادن ليظهر بعد ذلك النفيس من الزهيد.</p>
<p>هكذا كان “طوفان الأقصى” مثل فصل الخريف كشف حقائق البشر على كافة المستويات .<br>
فظهر المناصر والمتخاذل وظهر المراوغ والمخادع.<br>
ظهر أبناء وأحفاد سايكس بيكو…وأبناء دايتون.<br>
ظهر البراء والولاء.<br>
ظهر أثر الأخضر على كافة المستويات.<br>
ظهر تجار الدين على حقيقتهم.<br>
ظهر صاحب المبادئ الصادقة ممن يتاجر بها.<br>
ظهرت معادن الناس على حقيقتها.</p>
<p>ورحم الله الإمام الشافعي عندما قال :<br>
جَزَى اللهُ الشَّدَائِدَ كُلَّ خَيْر<br>
‏وإن كانت تُغصّصُنِي بِرِيقِي<br>
‏وما شُكْرِي لهَا حمْداً وَلَكِن<br>
‏عرفتُ بها عدوّي من صديقي</p>
<p>The post نحن والفصول الأربعة appeared first on السبيل.</p>