أخبار الأردن - آخر الأخبار المحلية والعالمية أخبار الأردن

نتنياهو والدروز في سوريا.. استخدام الأقليات أداة في الصراع الإقليمي

2025-05-01 1 مشاهدة محليات
<p>السبيل – خاص</p>
<p>في خضم المشهد السوري المتقلب، تتجلى محاولات رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للعب على وتر الأقليات، وتحديداً الطائفة الدرزية، كجزء من استراتيجية أوسع تهدف إلى التأثير في ملامح النظام السوري الجديد وإعادة تشكيل التوازنات في المنطقة.</p>
<p>إلا أن هذه الاستراتيجية، التي تتخفى تحت خطاب “الحرص على أمن الدروز”، تحمل في جوهرها توظيفاً سياسياً لمجموعة إثنية بهدف تحقيق مكاسب استراتيجية، لا إنسانية ولا أخلاقية.</p>
<p>ومنذ بداية الحرب السورية؛ امتنع الكيان الإسرائيلي عن الانخراط المباشر الواسع في الصراع، لكنه لم يغب عن مراحله. واليوم؛ ومع تراجع دور النظام القديم في دمشق وبروز سلطة جديدة بقيادة أحمد الشرع، تحاول “تل أبيب” إعادة التموضع عبر بوابات تبدو إنسانية الشكل، لكنها سياسية النية. ولا تنفصل تصريحات نتنياهو بشأن “حماية الدروز” عن هذا السياق، بل تأتي كجزء من خطاب يريد أن يمنح الكيان مشروعية أخلاقية مزيّفة في التدخل في الشأن السوري.</p>
<p>لكن الحقيقة التي لا يمكن إخفاؤها هي أن الطائفة الدرزية في سوريا، رغم موقعها الحساس، لم تطلب حماية “إسرائيل”، ولم تفوض أحداً للحديث باسمها. بل على العكس؛ يواجه الدروز معضلة وطنية داخلية معقدة، تتعلق بموقعهم من النظام الجديد، وبضرورة الحفاظ على تماسكهم الاجتماعي وتاريخهم الوطني في سوريا. وحين يتحدث نتنياهو عن حمايتهم، فإنه فعلياً يزج بهم في دائرة الاستهداف، ويوحي للأطراف المتطرفة أنهم حلفاء لـ”العدو”، وهو ما يزيد من خطورة موقعهم لا يحميه.</p>
<p>وتتصاعد الخطورة عندما تترافق هذه التصريحات مع توترات أمنية على الأرض، كما حدث مؤخراً في مدينة جرمانا ومحيطها، حيث اندلعت اشتباكات دامية بعد انتشار تسجيل صوتي يحمل إساءات دينية، الأمر الذي يشير إلى محاولات متعمدة لإشعال صراعات طائفية.</p>
<p>وهنا؛ لا يمكن فصل التوقيت السياسي عن التوقيت الأمني. فبين خطاب خارجي متحمّس لحماية الدروز، وتصعيد داخلي موجه نحو مناطقهم، يبدو أن هناك من يتعمد استخدامهم كأداة في معركة أكبر.</p>
<p>وفي هذا السياق؛ حذّر الباحث الإسرائيلي يعقوب حلبي في مقابلة مع صحيفة “معاريف” العبرية، من أن “نتنياهو لا ينوي نشر قوات لحماية الدروز، بل يستخدمهم للهجوم السياسي على النظام الجديد”، مشيراً إلى أن هذه التصريحات “تضع الدروز في دائرة الخطر”.</p>
<p>ويكشف هذا التحذير، الذي يصدر من داخل إسرائيل، زيف الادعاء بأن هناك نوايا صادقة لحماية أبناء الطائفة الدرزية.</p>
<p>ومن زاوية أوسع؛ تمثل هذه السياسة امتداداً لنمط تاريخي من استغلال الأقليات في صراعات القوى الكبرى في الشرق الأوسط. وهي سياسة قصيرة النظر، لأنها لا تأخذ في الحسبان هشاشة البنى الاجتماعية السورية بعد سنوات من الحرب، ولا طبيعة المجتمع الدرزي الذي لطالما سعى إلى تجنب الاصطفاف الحاد في صراعات السلطة. بل على العكس؛ قد يؤدي مثل هذا التوظيف إلى إفقاد الدروز ثقتهم بأي جهة خارجية، ويغلق أمامهم أبواب التفاهم مع الأطراف السورية الأخرى.</p>
<p>وفي المحصلة؛ لا تُقرأ تصريحات نتنياهو الأخيرة إلا ضمن إطار تدخل سياسي في شؤون دولة منهكة، ومحاولة لاستثمار طائفة سورية أصيلة كورقة تفاوض ومساومة. لكن حسابات السياسة لا تأخذ دوماً بعين الاعتبار ثمن الدم، والتاريخ يقول إن الأقليات التي تُستخدم أدوات، غالباً ما تدفع الثمن مرتين: مرة من الطرف الذي يوظفها، ومرة من الطرف الذي يستعديها.</p>
<p>The post نتنياهو والدروز في سوريا.. استخدام الأقليات أداة في الصراع الإقليمي appeared first on السبيل.</p>
تقييم الخبر
يجب تسجيل الدخول للتقييم
متوسط التقييم: 0.0/5 (0 تقييم)