أخبار الأردن - آخر الأخبار المحلية والعالمية أخبار الأردن

السبعة عشر ألفاً

2025-04-27 1 مشاهدة محليات
<p><em><strong>«إذا أرادوا هجرة طوعية، فليسمحوا لنا بالعودة إلى أراضينا في فلسطين المحتلة التي طُردنا منها. لماذا نغادر بلادنا؟ جميع أبنائي يتفقون معي على عدم مغادرة غزة مهما حصل». محمد النبهاني، مواطن غزّي.</strong></em><br>
وصف الصحفي اليهودي آموس هارئيل زيارة مجرم الحرب نتن ياهو إلى الولايات المتحدة بأنها زيارة مُهينة، مُتهكِّمًا عليها بوصفها “نصف إهانة زيلينسكي”؛ في إشارة ساخرة تعكس طبيعة الاستقبال المتواضع الذي حظي به.<br>
في الواقع، بدت الزيارة خالية من المكاسب الملموسة بالنسبة لنتن ياهو؛ فلم يحصل على الدعم المنشود من ترامب في مساعيه ضد إيران، بل على العكس تمامًا، إذ أطلق ترامب مفاوضات بشأن البرنامج النووي الإيراني تبدو واعدة ومثمرة. كما لم يجد تأييدًا أمريكيًّا لموقفه المعادي لتركيا في الملف السوري، بل قام ترامب بتوجيه عبارات الثناء والإشادة بالرئيس التركي أردوغان الذي يعتبر خصمًا لنتن ياهو. أما في المباحثات السرية، فقد أوضح ترامب لضيفه أن الضوء الأخضر الممنوح له بشأن عملياته في غزة أصبح على وشك الانتهاء.<br>
النقطة الوحيدة التي بعثت الارتياح في نفس نتن ياهو كانت تأكيد ترامب رغبته في فرض السيطرة على قطاع غزة بعد تهجير سكانه الأصليين، مع طموح لتحويل المنطقة إلى وجهة سياحية فاخرة، حيث أشارا إلى وجود دول أبدت استعدادها لاستضافة الفلسطينيين المهجَّرين من القطاع.<br>
ورغم عزم ترامب على المُضي قُدُمًا في مخططه، فإن استطلاعات الرأي تُظهر معارضة أمريكية واسعة النطاق لهذا التوجه؛ فقد كشفت دراسة أجراها مركز “بيو” للأبحاث أن غالبية ساحقة من المواطنين الأمريكيين يرفضون فكرة سيطرة بلادهم على قطاع غزة، حيث عبّر 62% من المستطلعة آراؤهم عن معارضتهم للفكرة، منهم 49% يعارضونها بشدة، في مقابل 15% فقط أيدوا المقترح، بينما ظل 22% متحفظين دون إبداء موقف واضح.<br>
وبُعيد هذه الزيارة، أعلن برابوو سوبيانتو، رئيس إندونيسيا التي تعد أكبر دولة إسلامية في العالم، موافقته الرسمية على استقبال الأطفال الفلسطينيين من ذوي الاحتياجات الطبية والنفسية الخاصة، بالإضافة إلى الأطفال اليتامى، مشددًا على الطبيعة المؤقتة لهذه الاستضافة حتى تَمَاثُلهم، ليعودوا بعدها إلى ديارهم في قطاع غزة.<br>
غير أن تقارير إعلامية متعددة كشفت عن معلومات مغايرة، مفادها أن السلطات الإندونيسية قد شرعت بالفعل في استقبال مواطنين غزيين راغبين بالهجرة بهدف العمل، خصوصًا في قطاع الإنشاءات والبناء، وهو الأمر الذي سارعت الحكومة الإندونيسية إلى دحضه ونفيه بشكل قاطع عبر بيانات رسمية.<br>
يبدو أن الفئة الأكثر استهدافًا في مخططات ترامب ونتن ياهو للتهجير من قطاع غزة هي شريحة الأطفال الأيتام الذين فقدوا آباءهم وأمهاتهم؛ إذ ينظرون إليهم باعتبارهم الحلقة الأضعف والأكثر هشاشة، كونهم لا يملكون سلطة اتخاذ القرار بأنفسهم، فضلًا عن قناعة راسخة لديهم بأن هؤلاء الأطفال يمثلون بذور مقاومة مستقبلية يجب اقتلاعها في مهدها، لتسهيل إعادة تشكيل هويتهم ووعيهم بعيدًا عن بيئتهم الأصلية.<br>
ووفقًا لتقرير شامل أعدته منظمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونيسف” بالتعاون مع منظمة “أنقذوا الأطفال” الدولية، فقد بلغ عدد الأطفال الذين فقدوا والديهم في غزة حوالي سبعة عشر ألف طفل حتى شهر نيسان/أبريل الجاري.<br>
أما الأطفال الناجون من جحيم الحرب، فيعانون من صدمات نفسية عميقة ومتعددة الأبعاد، تتجلى في كوابيس متكررة، واضطرابات حادة في النوم، ومستويات مرتفعة من القلق والتوتر، وذلك في ظل مجزرة مستعرة لا تتوقف، وحصار خانق لا يظهر أي بوادر للتخفيف. وقد عبرت منظمة اليونسكو عن فداحة الوضع بوصف صادم لقطاع غزة بأنه “أصبح مقبرة جماعية للأطفال”.<br>
وبالتوازي مع إندونيسيا، تشير التقارير الإعلامية إلى قائمة من الدول المرشحة لاستضافة أطفال غزة الأيتام، تتصدرها: جمهورية الكونغو الديمقراطية، والسودان، وإيطاليا، ورومانيا، فضلًا عن أرض الصومال الانفصالية التي تبرز كالخيار الأكثر ترجيحًا، في ظل ما يتردد من معلومات حول صفقة محتملة تقضي بمنحها اعترافًا دوليَّا مقابل هذا الدور، إلى جانب حزمة من المساعدات الاقتصادية والتنموية.<br>
يترقب ترامب تهافت الدول على البيت الأبيض للتفاوض بشأن التعريفات الجمركية، مستثمرًا هذه اللقاءات الدبلوماسية لطرح مسألة استقبال المواطنين الغزيين، حتى لو كان الثمن المعروض هو تخفيضات في الرسوم الجمركية المفروضة على تلك البلدان.<br>
وتشير تقارير الى ان رئيسة وزراء إيطاليا -المعروفة بمواقفها الداعمة لحرب الإبادة في غزة وتورطها غير المباشر فيها- ناقشت مع مسؤولين امريكيين قبول عدد من الدول الأوروبية استقبال مواطنين غزيين على أراضيها، مع التركيز بشكل خاص على الأطفال منهم، وذلك خلال زيارتها الأخيرة الى الولايات المتحدة.<br>
وهكذا يتجلى المشهد المتناقض؛ ففي الوقت الذي يُظهر فيه المجتمع الدولي إجماعًا علنيًّا على رفض المخطط الأمريكي للتهجير القسري والتطهير العرقي في قطاع غزة، تتسابق دول عديدة للتواطؤ سرًّا مع هذا المشروع، من خلال مُبادرات لاستقبال أطفال غزة الأيتام تحت غطاء مسميات “إنسانية”؛ مثل توفير العلاج والرعاية الصحية، أو عبر استقبال من يُزعم أنهم يغادرون أرضهم “بمحض إرادتهم”.<br>
<em><strong>لكن الحقيقة البسيطة والجوهرية تظل قائمة بوضوح: </strong></em><br>
<em><strong>بدلًا من التسابق لاستقبال أطفال غزة المهجّرين، أوقفوا المجزرة المستمرة بحقهم. </strong></em><br>
<em><strong>افتحوا المعابر والحدود لضمان تدفق المساعدات الإنسانية الضرورية. </strong></em><br>
<em><strong>باشروا بجهود إعادة إعمار ما خلفته الحرب من دمار هائل.</strong></em><br>
<em><strong>وحينها سيعود كل شيء إلى نصابه الصحيح، بإذن الله.</strong></em></p>
<p>The post السبعة عشر ألفاً appeared first on السبيل.</p>
تقييم الخبر
يجب تسجيل الدخول للتقييم
متوسط التقييم: 0.0/5 (0 تقييم)