من التفاح إلى الشمال.. تكتيكات المقاومة تفتح جبهة استنزاف جديدة
<p> </p>
<p> </p>
<p>السبيل – خاص</p>
<p>في تصعيد جديد للمقاومة الفلسطينية داخل قطاع غزة، اليوم الخميس، قُتل جندي إسرائيلي وأصيب سبعة آخرون في عملية نوعية وُصفت من قبل الإعلام العبري بـ”الحدث الأمني الصعب”.</p>
<p> </p>
<p>وجاءت الضربة في شمال القطاع، لتكشف عن مرونة المقاومة في تحريك ساحات الاشتباك واستنزاف قوات الاحتلال على جبهات متعددة، دون انكشاف ميداني.</p>
<p> </p>
<p>العملية، التي شملت قنصاً دقيقاً وإطلاق صاروخ موجه مضاد للدروع، استهدفت قوة إسرائيلية تابعة للواء المدفعية والفرقة 36، وهي إحدى الفرق القتالية المركزية في جيش الاحتلال، ما يؤكد مجدداً قدرة المقاومة على الإيقاع بوحدات نخبوية عبر تكتيكات تفوقها نوعياً، رغم الفارق في التسليح والتقنيات.</p>
<p> </p>
<p>وجاء هذا الهجوم بعد عدة أيام من عملية استدراج نفذتها المقاومة في حي التفاح شرقي غزة، أوقعت فيها قتلى وجرحى من جنود الاحتلال داخل نفق مفخخ، ما يشير إلى تبني المقاومة استراتيجية استنزاف منضبطة، تُعيد هندسة المواجهة من قلب الميدان.</p>
<p> </p>
<p><strong>ارتباك في الصفوف الإسرائيلية</strong></p>
<p> </p>
<p>وتوالت ردود الفعل داخل الكيان الإسرائيلي بعد العملية، وسط حالة من التعتيم النسبي، اعتاد عليها الإعلام العبري كلما تلقى الجيش ضربة موجعة. لكن وصف الحدث بـ”الأمني الصعب”، إلى جانب الإشارات إلى عمليات نقل جوية للمصابين، يكشف حجم الخسارة التي حاولت المؤسسة العسكرية التخفيف من أثرها.</p>
<p> </p>
<p>ورغم القصف المكثف الذي نفذه جيش الاحتلال في أعقاب العملية، إلا أن غياب الأهداف المحددة، وتركز الضربات في مناطق مدنية وشبه مفتوحة، يوحي بارتباك في تحديد مصدر النيران ومكان الفعل المقاوم، وهو ما يعكس فشلاً استخبارياً متجدداً في تتبع تحركات المقاومة.</p>
<p> </p>
<p>كما اضطرت بلدية سديروت لنفي وجود تهديدات بالخطف أو اختراقات من غزة، بعدما سرت شائعات بين السكان، تؤكد حالة الذعر التي خلفتها العملية. ومن اللافت أن الشرطة نفسها أصدرت تعليمات بشأن الحذر من عمليات قنص، ما يشير إلى أن العدو بات يقر بوجود تهديد دائم حتى داخل المناطق التي يعتبرها مؤمّنة.</p>
<p> </p>
<p><strong>تكتيك النيران المتنقلة</strong></p>
<p> </p>
<p>ما يُحسب للمقاومة في هذه المرحلة، هو قدرتها على تطوير ما بات يُعرف بتكتيك “النيران المتنقلة”، بحيث تنتقل ضرباتُها من حيّ إلى آخر، ومن جبهة إلى أخرى، دون أن تمنح الاحتلال فرصة لتركيز جهده أو التقاط أنفاسه، في حرب استنزاف ذكية لا تُدار بالأعداد بل بالعقول.</p>
<p> </p>
<p>وتأتي الضربة في شمال غزة امتداداً لتكتيك المقايضة الميدانية، حيث تُستدرج القوة الإسرائيلية إلى مناطق محددة، ثم تُفاجأ بنيران قنص أو كمائن مدروسة، لتتحول من قوة مهاجمة إلى فريسة تبحث عن الإخلاء.. هذه التكتيكات تُحبط أهداف الاحتلال وتفكك قدرته على المناورة.</p>
<p> </p>
<p>في المقابل؛ لم تُفلح الردود الإسرائيلية في تثبيت ردع ميداني، فالقصف العشوائي لم يوقف موجة العمليات، ولا هدير الطائرات خفف من عزيمة المقاومين. بل على العكس؛ يبدو أن كل ضربة يتلقاها الاحتلال تشحن إرادة الفعل المقاوم وتدفعه لتصعيد أكثر دقة وجرأة، وفق منظومة قتالية لا تزال تمتلك الكثير في جعبتها.</p>
<p> </p>
<p><strong>ضربة في قلب الحسابات السياسية</strong></p>
<p> </p>
<p>وتأتي هذه العملية النوعية في توقيت حساس سياسياً داخل الكيان الإسرائيلي، حيث يواجه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ضغوطاً داخلية متزايدة، وسط تفاقم الخلافات في صفوف الجيش والمجتمع، بسبب طول أمد الحرب على غزة وتآكل الثقة في إمكانية تحقيق أهدافها المعلنة. ومع كل خسارة ميدانية؛ يتزايد التآكل المعنوي والانقسام السياسي لدى الاحتلال.</p>
<p> </p>
<p>في خطابه الأخير؛ ركز نتنياهو على ما سماه “منع قيام خلافة على شاطئ المتوسط”، في إشارة إلى رؤية المقاومة لمشروعها التحرري، وكشف بذلك حجم الهاجس الذي تشكله غزة على مستوى الرؤية الاستراتيجية الإسرائيلية. لكن العمليات النوعية، مثل تلك التي وقعت في الشمال، تُظهر أن المقاومة لا تكتفي بإحراج المؤسسة العسكرية، بل تضرب في عمق خطاب الردع الذي يعتاش عليه السياسيون في “تل أبيب”.</p>
<p> </p>
<p>وهكذا؛ تصبح كل عملية تنفذها المقاومة فعلاً يتجاوز الميدان، ليمتد إلى عمق المعادلة السياسية في “إسرائيل”. فهي لا تهدد الجنود فقط، بل تضعف أسس الخطاب السياسي القائم على التفوق والسيطرة، وتفتح الباب أمام مساءلات داخلية قد تُعيد تشكيل وجه الحكم نفسه، في دولة باتت ترى في غزة مرآةً لهشاشتها المزمنة.</p>
<p>The post من التفاح إلى الشمال.. تكتيكات المقاومة تفتح جبهة استنزاف جديدة appeared first on السبيل.</p>
<p> </p>
<p>السبيل – خاص</p>
<p>في تصعيد جديد للمقاومة الفلسطينية داخل قطاع غزة، اليوم الخميس، قُتل جندي إسرائيلي وأصيب سبعة آخرون في عملية نوعية وُصفت من قبل الإعلام العبري بـ”الحدث الأمني الصعب”.</p>
<p> </p>
<p>وجاءت الضربة في شمال القطاع، لتكشف عن مرونة المقاومة في تحريك ساحات الاشتباك واستنزاف قوات الاحتلال على جبهات متعددة، دون انكشاف ميداني.</p>
<p> </p>
<p>العملية، التي شملت قنصاً دقيقاً وإطلاق صاروخ موجه مضاد للدروع، استهدفت قوة إسرائيلية تابعة للواء المدفعية والفرقة 36، وهي إحدى الفرق القتالية المركزية في جيش الاحتلال، ما يؤكد مجدداً قدرة المقاومة على الإيقاع بوحدات نخبوية عبر تكتيكات تفوقها نوعياً، رغم الفارق في التسليح والتقنيات.</p>
<p> </p>
<p>وجاء هذا الهجوم بعد عدة أيام من عملية استدراج نفذتها المقاومة في حي التفاح شرقي غزة، أوقعت فيها قتلى وجرحى من جنود الاحتلال داخل نفق مفخخ، ما يشير إلى تبني المقاومة استراتيجية استنزاف منضبطة، تُعيد هندسة المواجهة من قلب الميدان.</p>
<p> </p>
<p><strong>ارتباك في الصفوف الإسرائيلية</strong></p>
<p> </p>
<p>وتوالت ردود الفعل داخل الكيان الإسرائيلي بعد العملية، وسط حالة من التعتيم النسبي، اعتاد عليها الإعلام العبري كلما تلقى الجيش ضربة موجعة. لكن وصف الحدث بـ”الأمني الصعب”، إلى جانب الإشارات إلى عمليات نقل جوية للمصابين، يكشف حجم الخسارة التي حاولت المؤسسة العسكرية التخفيف من أثرها.</p>
<p> </p>
<p>ورغم القصف المكثف الذي نفذه جيش الاحتلال في أعقاب العملية، إلا أن غياب الأهداف المحددة، وتركز الضربات في مناطق مدنية وشبه مفتوحة، يوحي بارتباك في تحديد مصدر النيران ومكان الفعل المقاوم، وهو ما يعكس فشلاً استخبارياً متجدداً في تتبع تحركات المقاومة.</p>
<p> </p>
<p>كما اضطرت بلدية سديروت لنفي وجود تهديدات بالخطف أو اختراقات من غزة، بعدما سرت شائعات بين السكان، تؤكد حالة الذعر التي خلفتها العملية. ومن اللافت أن الشرطة نفسها أصدرت تعليمات بشأن الحذر من عمليات قنص، ما يشير إلى أن العدو بات يقر بوجود تهديد دائم حتى داخل المناطق التي يعتبرها مؤمّنة.</p>
<p> </p>
<p><strong>تكتيك النيران المتنقلة</strong></p>
<p> </p>
<p>ما يُحسب للمقاومة في هذه المرحلة، هو قدرتها على تطوير ما بات يُعرف بتكتيك “النيران المتنقلة”، بحيث تنتقل ضرباتُها من حيّ إلى آخر، ومن جبهة إلى أخرى، دون أن تمنح الاحتلال فرصة لتركيز جهده أو التقاط أنفاسه، في حرب استنزاف ذكية لا تُدار بالأعداد بل بالعقول.</p>
<p> </p>
<p>وتأتي الضربة في شمال غزة امتداداً لتكتيك المقايضة الميدانية، حيث تُستدرج القوة الإسرائيلية إلى مناطق محددة، ثم تُفاجأ بنيران قنص أو كمائن مدروسة، لتتحول من قوة مهاجمة إلى فريسة تبحث عن الإخلاء.. هذه التكتيكات تُحبط أهداف الاحتلال وتفكك قدرته على المناورة.</p>
<p> </p>
<p>في المقابل؛ لم تُفلح الردود الإسرائيلية في تثبيت ردع ميداني، فالقصف العشوائي لم يوقف موجة العمليات، ولا هدير الطائرات خفف من عزيمة المقاومين. بل على العكس؛ يبدو أن كل ضربة يتلقاها الاحتلال تشحن إرادة الفعل المقاوم وتدفعه لتصعيد أكثر دقة وجرأة، وفق منظومة قتالية لا تزال تمتلك الكثير في جعبتها.</p>
<p> </p>
<p><strong>ضربة في قلب الحسابات السياسية</strong></p>
<p> </p>
<p>وتأتي هذه العملية النوعية في توقيت حساس سياسياً داخل الكيان الإسرائيلي، حيث يواجه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ضغوطاً داخلية متزايدة، وسط تفاقم الخلافات في صفوف الجيش والمجتمع، بسبب طول أمد الحرب على غزة وتآكل الثقة في إمكانية تحقيق أهدافها المعلنة. ومع كل خسارة ميدانية؛ يتزايد التآكل المعنوي والانقسام السياسي لدى الاحتلال.</p>
<p> </p>
<p>في خطابه الأخير؛ ركز نتنياهو على ما سماه “منع قيام خلافة على شاطئ المتوسط”، في إشارة إلى رؤية المقاومة لمشروعها التحرري، وكشف بذلك حجم الهاجس الذي تشكله غزة على مستوى الرؤية الاستراتيجية الإسرائيلية. لكن العمليات النوعية، مثل تلك التي وقعت في الشمال، تُظهر أن المقاومة لا تكتفي بإحراج المؤسسة العسكرية، بل تضرب في عمق خطاب الردع الذي يعتاش عليه السياسيون في “تل أبيب”.</p>
<p> </p>
<p>وهكذا؛ تصبح كل عملية تنفذها المقاومة فعلاً يتجاوز الميدان، ليمتد إلى عمق المعادلة السياسية في “إسرائيل”. فهي لا تهدد الجنود فقط، بل تضعف أسس الخطاب السياسي القائم على التفوق والسيطرة، وتفتح الباب أمام مساءلات داخلية قد تُعيد تشكيل وجه الحكم نفسه، في دولة باتت ترى في غزة مرآةً لهشاشتها المزمنة.</p>
<p>The post من التفاح إلى الشمال.. تكتيكات المقاومة تفتح جبهة استنزاف جديدة appeared first on السبيل.</p>