هل يحتاج الأردنيون لمن يدفعهم للتضامن مع قضايا أمتهم؟
بحكم عملي الصحفي تابعت خلال ربع قرن، ولا أزال، تفاعل طيف واسع من الأردنيين مع قضايا أمتهم.
خلال ذلك أدركت أن بوصلة الشعب الأردني لا تخطئ، وربما بتّ أحكم على صوابية المواقف وأحقية القضايا من خلال بوصلة موقف الشعب الأردني؛ وبات ذلك الموقف هو أحد أهم معايير الحكم على تلك المواقف والقضايا.
وعندما أتحدث عن موقف الشعب الأردني لا أتحدث عن تفاعلاته على الأرض فقط؛ تظاهرات واعتصامات وإضرابات، بل عن ذلك الشعور العام الذي يطغى عليهم؛ في أنفسهم وفي مجالسهم الخاصة وفي تعبيراتهم، وحديثا، على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، وعن ذلك الاستعداد الجارف للتضامن من خلال التبرعات وتقديم كافة أشكال المساعدة المتاحة.
لم أشعر يوما أن تلك المواقف التضامنية بكافة أشكالها كانت مصطنعة أو نتيجة توجيهات من الخارج، بل كانت نابعة من شعور الأردنيين بأنهم شعب يفتح صدره للجميع ليخفف آلامهم ومصابهم، وقد كان الأردنيون دائما يمثلون الأنصار الذين يؤثرون على أنفسهم ولا ينتظرون شكرا من أحد.
لقد تضامن الأردنيون مع كافة قضايا أمتهم، من قضايا مسلمي الروهينغا في أقصى الشرق إلى قضايا مسلمي أوروبا في البوسنة والهرسك في أقصى الغرب، مرورا بأفغانستان وكشمير والشيشان وأريتريا والعراق والمجاعات في السودان والصومال.
عندما وقف الشعب الأردني مع العراق ضد التحالف الدولي، في حين وقف العالم العربي والإسلامي كله ضده، كانت بوصلة الأردنيين نحو الحق هي وجهتهم، وهم الذين رفضوا احتلال الكويت، لكنهم رفضوا في الوقت ذاته تدمير العراق، وكانوا يأملون بموقف عربي ينهي الخلاف ولا يسمح للقوى الدولية بتنفيذ مخططاتها في منطقتنا.
لم يكن وقوف طيف من الشعب الأردني مع الشعوب العربية في سوريا واليمن وليبيا إبان الربيع العربي موقفا معزولا، بل كان استمرارا لمواقفهم في التضامن مع قضايا الأمة ومظلوميها في كل مكان.
أما موقف الشعب الأردني من القضية الفلسطينية، فقد كان ولا زال يسير وفق البوصلة المعهودة، فهناك حق كامل يمثله الفلسطينيون وهناك باطل كامل يمثله الصهاينة المحتلون.. هذه هي بوصلة الشعب الأردني ولذلك فقد تضامن مع القضية الفلسطينية منذ بواكيرها في العشرينيات من القرن الماضي، وكان المجاهدون الأردنيون إحدى طلائع المجاهدين في حرب عام 1948، وتضامن الأردنيون مع الانتفاضة الفلسطينية الأولى ودعموها بكل ما يملكون، ورفض طيف واسع منهم الإقرار للمحتلين بأرض فلسطين، وظلت بوصلتهم “فلسطين من البحر إلى النهر”، وتفاعل الأردنيون مع انتفاضة الأقصى، فالأقصى عندهم عقيدة.
لم يطلب أحد من الأردنيون التظاهر رفضا لصفقة القرن، ولم يطلب أحد التظاهر ضد الانتهاكات الصهيونية للمسجد الأقصى المبارك.. لقد حركت البوصلة الأردنيين نحو الحق والتضامن مع المظلومين.
أما تفاعل الأردنيين وتضامنهم مع قطاع غزة إبان العدوان الغاشم عليها فقد كان استمرار لمواقف الأردنيين واستمرار لاتباع بوصلتهم في التضامن مع قضايا أمتهم ونصرة للمظلومين، ولا زالوا على هذا الخط لا يحيدون.
من السذاجة وربما من الإهانة أن يدعي أحد أن الأردنيين يتضامنون مع غزة ومع المقاومة بتوجيهات من الخارج، فهو استمرار لمواقفهم وتتبع أمين لبوصلتهم.
The post هل يحتاج الأردنيون لمن يدفعهم للتضامن مع قضايا أمتهم؟ appeared first on السبيل.
المصدر: موقع أخبار الأردن
© 2025 جميع الحقوق محفوظة - موقع أخبار الأردن