من ملك الرومانسية إلى المحاكم ثم الترند.. فضل شاكر: قصة التحولات الكبرى والعودة للنجومية
- فضل شاكر.. بين قاعات المحاكم وقوائم الترند: حكاية صعود وسقوط ومحاولة عودة
- من نجم الرومانسية إلى متهم سياسي.. فضل شاكر يعود للغناء بـ"كيفك ع فراقي"
عندما تتصدر أغنية "كيفك ع فراقي" قوائم الاستماع في العالم العربي في صيف 2025، لا يكون الخبر مجرد نجاح فني عابر، بل هو أحدث فصول واحدة من أكثر السير الذاتية إثارة للاهتمام في تاريخ الفن العربي الحديث. إنها قصة الفنان فضل شاكر، الرجل الذي صعد إلى قمة المجد كـ"ملك للرومانسية"، ثم مر بمنعطفات أبعدته عن الساحة لسنوات، ليحاول اليوم العودة من خلال المنصات الرقمية، معتمداً على صوت يقول عشاقه إنه لا يزال يحتفظ ببريقه.
الفصل الأول: الصعود إلى عرش الرومانسية (1998-2011)انطلقت مسيرة فضل عبد الرحمن شمندر، المعروف بفضل شاكر، من مدينة صيدا اللبنانية في أواخر التسعينيات. في عصر موسيقي كانت تسيطر عليه الإيقاعات السريعة، قدم فضل صوتاً دافئاً مفعماً بالإحساس أعاد للأغنية الرومانسية مكانتها. كان ألبومه "بياع القلوب" (1999) بمثابة إعلان ولادة نجم حقيقي، تبعه ألبوم "الحب القديم" (2000) الذي رسخ مكانته.
توالت النجاحات مع أغانٍ أصبحت جزءاً من الذاكرة الموسيقية العربية مثل "يا غايب"، و"معقول"، و"الله أعلم". وتوج هذا النجاح بالديو الأيقوني "أحاول" الذي جمعه بالفنانة نوال الكويتية عام 2001، والذي يعتبره النقاد علامة فارقة في مسيرته. أصبح فضل شاكر، الذي أطلق عليه الإعلام لقب "ملك الرومانسية"، ضيفاً دائماً على أكبر المهرجانات العربية، من مهرجان قرطاج الدولي في تونس إلى مهرجان جرش للثقافة والفنون في الأردن، محققاً مكانة مرموقة.
الفصل الثاني: المنعطف الحاد وسنوات الابتعاد (2012-2017)في ذروة نجاحه، بدأت حياة فضل شاكر تأخذ مساراً مختلفاً. ففي عام 2012، وضمن مقابلة تلفزيونية، أعلن اعتزاله الفن بشكل نهائي. جاء هذا التحول بالتزامن مع مرحلة جديدة في حياته الشخصية والفكرية، شهدت تقربه من شخصيات دينية في مدينة صيدا، وهو ما كان مفاجئاً لمحبيه والوسط الفني.
كانت النقطة المحورية في يونيو/حزيران 2013، مع وقوع "أحداث عبرا"، وهي مواجهات جرت بين جماعة مرتبطة بالشيخ أحمد الأسير والجيش اللبناني، نتج عنها خسائر في الأرواح من جانب الجيش. على إثر هذه الأحداث، وُجهت اتهامات لفضل شاكر بالضلوع فيها.
بدأت بعدها مرحلة الملاحقة القضائية. ابتعد فضل شاكر عن الأنظار، بينما كانت المحكمة العسكرية في لبنان تنظر في قضيته. وفي سبتمبر/أيلول 2017، صدر حكم غيابي بسجنه لمدة 15 عاماً بتهمة "التدخل في أعمال الإرهاب"، كما وصفها القرار القضائي. وفي عام 2020، صدر بحقه حكم آخر بالسجن 7 سنوات وغرامة مالية بتهمة تقديم تمويل.
من جانبه، نفى فضل شاكر في مقابلات لاحقة أجراها من مكان إقامته (أبرزها مع قناة LBCI اللبنانية)، مشاركته في أي أعمال قتالية، موضحاً أن بعض تصريحاته السابقة صدرت في سياق انفعالي، ومعرباً عن ندمه على تلك المرحلة ورغبته في تسوية وضعه. وقد شهد ملفه القضائي صدور أحكام بالبراءة في قضايا أخرى، مما جعله ملفاً معقداً.
الفصل الثالث: العودة من الظل ونجومية العصر الرقمي (2018-الآن)في عام 2018، عاد فضل شاكر للساحة الفنية من خلال إطلاق أغنية "ليه الجرح" عبر قناته على يوتيوب، والتي شكلت مفاجأة لمتابعيه. كانت هذه بداية استراتيجية جديدة للعودة، تعتمد كلياً على الفضاء الرقمي، نظراً لأن ظهوره في الحفلات والمهرجانات لا يزال غير ممكن بسبب وضعه القضائي.
حققت أغانيه الجديدة، التي يصدرها بشكل منتظم، نجاحاً كبيراً، وحصدت عشرات الملايين من المشاهدات، وتظهر تحليلات منصات مثل يوتيوب وأنغامي وسبوتيفاي أن أغانيه تتصدر قوائم "الترند" في دول متعددة بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا فور صدورها.
جاءت أغنيته الأخيرة "كيفك ع فراقي" مع ابنه محمد لتكون تتويجاً لهذه المرحلة. لم تكن مجرد أغنية ناجحة، بل حملت رمزية كبرى؛ فهي تمثل استمرارية فنية بين جيلين، ورسالة عاطفية للجمهور، عززتها الصورة المؤثرة التي نشرها محمد لوالده، والتي أظهرت جانباً إنسانياً بعيداً عن الجدل.
بين فن راسخ وماضٍ معقداليوم، يقف فضل شاكر في وضع فريد من نوعه. هو نجم يحقق أرقاماً مليونية على المنصات الرقمية، لكنه في الوقت نفسه شخص مطلوب للقضاء في بلده. هو فنان يملك صوتاً قادراً على إثارة أقوى المشاعر، لكنه أيضاً رجل يحمل ماضياً لا يزال موضع نقاش. تبقى قصة فضل شاكر فصلاً مفتوحاً عن الموهبة، والخيارات الشخصية التي غيرت مسار حياته، ومحاولته الحالية للعودة من خلال الفن الذي كان قد تركه يوماً.
المصدر: موقع أخبار الأردن
© 2025 جميع الحقوق محفوظة - موقع أخبار الأردن