اين يقف الأردن من إعادة هندسة الإقليم
تحدث المبعوث الأمريكي توماس براك المبعوث الأمريكي الى لبنان وسوريا مطولا في مؤتمره الصحفي عن عملية إعادة هندسة وتشكيل الإقليم وفقا لرؤية جديدة، لا تستند الى اتفاقات الهدنة الموقعة مع الجانب السوري عام 1974 او ما قبلها في العام 1967 او في العام 1982، ملمحا الى ضرورة ان يلتحق اللبنانيون بالركب طوعا قبل ان يفرض عليهم قسرا.
لا تختلف تصريحات براك عن تلك التي نقلتها الصحفية الامريكية “لورا كيلي” في تقريرها لموقع (ذي هيل THE HILL) عن مسؤول كبير في إدارة ترامب قال فيها” ان اتفاقيات الحدود الإسرائيلية محض أوهام رُسمت في أعوام 1926 و 1948 و1967 و1974 “، جاء ذلك خلال إحاطة إعلامية للمسؤول الذي تناول توقيع الرئيس ترامب يوم الاثنين 30 حزيران / يونيو أمرًا تنفيذيًا برفع العقوبات عن سوريا.
اضافت كيلي ان تصريحات المسؤول الأمريكي الذي لم تذكر اسمه في تقريرها كان قد أثار فيه شكوكًا حول بقاء بعض دول في الشرق الأوسط، ملقيا باللوم على أوروبا في تقسيم المنطقة على مدى العقد الماضي، ومشيدا بالإمبراطورية العثمانية.
تصريحات المسؤول الأمريكي تزامنت مع تقرير لموقع (اي 21 i24NEWS ) العبري يوم الخميس الفائت زعم فيه مناقشة الحكومة السورية مستقبل الجولان ضمن اتفاق يمتد اثره الى مدينة طرابلس اللبنانية بضم المدينة (طرابلس) وأجزاء واسعة من الشمال اللبناني الى سوريا مقابل نقل المياه الى الأراضي الفلسطينية المحتلة من نهر الفرات، وبالتوافق مع تركيا متجاهلا موقف العراق من هذه الخطوة التي تمس امنه المائي.
توحي التقارير بان نقاشات معمقة دارت في البيت الأبيض لإعادة ترسيم وهندسة المنطقة التي لم يغب عنها اليمين الإسرائيلي والاستيطاني، اذ نسب الى يسرائيل غانتس رئيس المجلس الإقليمي لمستوطنات بنيامين(في منطقة رام الله بالضفة الغربية) قوله: توقعاتنا من نتنياهو ان يعود من واشنطن ويفرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية، مضيفا “على بنيامين نتنياهو عدم إضاعة الفرصة التاريخية السانحة واحلال السيادة الإسرائيلية على يهودا والسامرة (التسمية العبرية للضفة الغربية المحتلة) فور عودته من واشنطن، مؤكدا للقناة الرابعة عشرة اليمينية ان مجلس المستوطنات اعد مخططا جاهزا لإحلال السيادة كأمر واقع.
غانتس الذي يعد من اشد الداعمين لدونالد ترامب خلال حملته الانتخابية يعتمد الى حد كبير على مايك هاكابي السفير الأمريكي لدى الكيان الإسرائيلي الذي خالف الأعراف الدبلوماسية بمرافقته نتنياهو في ذات الرحلة الجوية التي اقلتهم الى واشنطن للقاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
تطرح التصريحات والتحركات الامريكية الإسرائيلية والإقليمية تساؤلات حول موقع الأردن وتموضعه في ظل المداولات والمشاورات الإقليمية والدولية التي تمس هندسة الإقليم وعلى رأسها الضفة الغربية، هندسة تمتد جنوبا الى سيناء بالحديث عن إمكانية انشاء منطقة عازلة بالقرب من الحدود المصرية تسيطر عليها شركات خاصة أمريكية و عصابات إجرامية متعاونة مع الاحتلال الإسرائيلي لإنشاء مخيمات انتقال (طوعي) كشفت عنها وكالة رويترز للأنباء اليوم الاثنين، ونفتها مصادر تابعة لمؤسسة غزة التي يديرها ضابط امريكي متقاعد يسمى فيليب رايلي بعد تسريبات مضادة عن امتعاض القاهرة من هذه التسريبات والتوجهات الإسرائيلية الامريكية المهددة للأمن القومي المصري.
وبالعودة الى التساؤل الخاص بالضفة الغربية وإعادة ترسم الخرائط في الإقليم وفقا لتصورات تتجاوز خرائط وتوافقات القوى الأوروبية المهيمنة بعيد الحرب العالمية الأولى، فان الأردن يقف في عين الاعصار اليوم دون ان تتضح صورة الإقليم الاوسع في عقل توماس باراك وستيف ويتكوف وماركو روبيو و رون دريمر و ترامب ونتنياهو.
استشعار الخطر والتهديد عادة ما يأتي على استحياء من نخب سياسية اردنية رسمية وغير رسمية، كان اخرها واهمها رئيس الوزراء الأسبق عمر الرزاز خلال ندوة حوارية بعنوان: “ما بعد السابع من أكتوبر – تساؤلات وإشارات”، نظمها منتدى الحموري الثقافي وأدارها الوزير الأسبق محمد أبو رمان مساء السبت الماضي، اذ حذّر الرزاز من ضغوط سياسية واقتصادية قد يتعرض لها الأردن في المرحلة المقبلة للقبول بـ”اتفاقيات إبراهام” بنسختها المعدلة، مؤكدًا في الان ذاته على الثوابت و اللاءات الأردنية التي يكررها جلالة الملك عبد الله الثاني لحماية المصلحة الوطنية العليا.
التحولات وجهود إعادة الهندسة تحتاج الى نقاش موسع لتفكيك شيفرة المرحلة المقبلة ، التي لا يعلم حتى اللحظة شكل وطبيعة الضغوط التي يمكن للولايات المتحدة الامريكية والكيان الإسرائيلي ممارستها لتمرير اجندته، وهي اجندة اثارت قلق الدولة المصرية التي نقل عن مسؤولين فيها استيائهم من التسريبات المتعلقة بمخيمات الانتقال جنوب قطاع غزة وتحذيرهم من تداعياتها على امن سيناء والجمهورية المصرية.
الباب يبقى مواربا في التعامل مع إدارة دونالد ترامب اذ لا يرغب احد من الدول في العالم والاقليم الدخول في صدام مباشر مع إدارة ترامب، فالجميع بات يتبع الاستراتيجية الصينية في التفاوض المستمر دون التوصل الى اتفاق، في مرحلة تتسم بالسيولة العالية والرهانات الكبيرة على المستقبل وتحولاته، استراتيجية يتوقع ان تنجح في كثير من الحالات، ولكن هل تنجح في حالة الضفة الغربية حيث مركز الثقل والتأثير لليمين الأمريكي والإسرائيلي.
ختاما … امام استراتيجية اليوم التالي للحرب في غزة والمواجهة مع ايران تبدوا الضفة الغربية الحلقة الأضعف في المعادلة اليوم، فايران حاضرة في لبنان، وتركيا حاضرة في سوريا، ومصر في سيناء وغزة حاضرة، والى جانبها قطر، بيد ان الجميع غائب عن الضفة الغربية، ما يعني ان تموضع الأردن لمواجهة الضغوط المقبلة والمتوقعة مع نهاية العام القائم باتت محط اهتمام وترقب، ذلك و ان كانت الأهداف واضحة والرؤية والبوصلة محددة فإن الاستراتيجيا واليات التكيف المتوقعة لازالت غامضة وضبابية الى حد كبير محليا وإقليميا.
The post اين يقف الأردن من إعادة هندسة الإقليم appeared first on السبيل.
المصدر: موقع أخبار الأردن
© 2025 جميع الحقوق محفوظة - موقع أخبار الأردن