صفقة ترامب لإنقاذ دولة الاحتلال المنهكة والمتعثرة

في جميع صفقات التبادل التي جرت بين المقاومة وسلطات الاحتلال كانت المقاومة تعي تماما بأنه لا يمكن أن تأمن جانب الاحتلال، وكانت تستعد للسيناريوهات المقبلة، وتأخذ حذرها من خديعة يمارسها العدو، فهو من الخبث والدهاء والمكر ما يجعل الركون إليه والاطمئنان له دربًا من دروب السذاجة والغباء وغياب الفطنة.
والحديث حول صفقة وهدنة جديدة لن يخرج من هذا الجو النفسي والانفعالي، إذا لا يمكن أن تكون الولايات المتحدة الأمريكية وسيطا بين الاحتلال والمقاومة، فهي جزء أساسي من الحرب الوحشية التي تشنها دولة الاحتلال إحدى أذرع الولايات المتحدة ومن خلفها أوروبا.
لذلك من اليقظة والنباهة أن نعرف أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يمارس خدعة لإنقاذ دولة الاحتلال المتعثرة لإطالة أمد الحرب وخداع العالم.
وبحسب الصحافي والكاتب الجيو سياسي الإيطالي، أنجيلو جوليانو، فإن ما يُسمى”وقف إطلاق النار لمدة 60 يوما” الذي أعلنه ترامب في غزة في الأول من الشهر الحالي، هو خدعة صارخة وتكتيك غربي مُعاد تدويره لكسب الوقت، وإعادة التسلح، وتضييق الخناق على فلسطين”.
ويعتبرها نسخة طبق الأصل من اتفاقيات مينسك، إذ منحت أوكرانيا وقتا للتدريب مع حلف الناتو وتصعيد صراع دونباس. في عام 2025، كان “وقف إطلاق النار” الذي أعلنه ترامب لمدة 30 يوما مع بوتين طوق نجاة للجيش الأوكراني المنهار.
هدنة غزة قد لا تختلف عن ذلك فدولة الاحتلال منهكة، وقبتها الحديدية متعثرة، واقتصادها ينهار. هذه الهدنة خطوة يائسة لإعادة الإمداد وإعادة تنظيم صفوفها، وليس لإنهاء إراقة الدماء.
والأمر أيضا ينطبق على إيران إذ لم تكن “هدنة” ترامب مع إيران انتصارا دبلوماسيا بل كانت نداءً لإنقاذ دولة الاحتلال من المزيد من الإذلال. الآن، ومع صمود حركة حماس ومقاومة غزة، فإن وقف إطلاق النار هذا هو تكتيك مماطلة آخر للسماح لجيش الاحتلال بإعادة تعبئة أسلحته.
قانون ترامب لصنع السلام كذبة فهو يتباهي على وسائل التواصل الاجتماعي بـ”إنقاذ الشرق الأوسط” وهي مجرد مسرحية فخطته تبقي على وجود القوات الإسرائيلية في غزة، وتطالب بحل حماس وتسليم أسلحتها ونفي قيادتها، وتهجير سكانها، ولا تقدم أي ضمانات بإنهاء دائم للمذبحة سوى وعد من ترامب الذي سبق له أن تراجع مئات المرات عن تصريحاته ومواقفه، فهو يبدل موقفه بسهولة ويسير كما لو كان يبدل سترة البدلة التي يرتديها.
نعود إلى جوليانو الذي يعتبر بأن “هوس الغرب بوقف إطلاق النار هو حلقة مفرغة: توقف، إعادة تسليح، تصعيد. ترامب لا يتوسط للسلام؛ إنه يطيل أمد الحروب التي يخسرها الغرب”. حماس تدرك حقيقة هذه المهزلة، وتعرف بأن مصدر قوتها الوحيد هو سلاحها الذي إذا خسرته ستخسر كل شيء، وستصبح فلسطين نفسها من البحر إل النهر في خبر كان.

The post صفقة ترامب لإنقاذ دولة الاحتلال المنهكة والمتعثرة appeared first on السبيل.