الخاسر الأكبر
في ظني أن الخاسر الأكبر في الحرب التي شنت على إيران هم عملاء الموساد الإيرانيين الذين تركوا هناك ليواجهوا مصيرهم المحتوم.
في ظني أن الملف الأسخن والأسرع الذي ستوليه السلطات الإيرانية الأولوية، حتى على ملفات تقييم الأضرار وترميم قوة الردع، هو ملف الاختراقات الأمنية.
كانت الاختراقات الأمنية من أوجع ما أصيبت بها إيران في هذه المنازلة، فقد بدت كتابا مفتوحا للموساد يقلب صفحاته كما يشاء، ويمزق منها ما شاء.
لا شك أن الموساد يستغل التقدم التكنولوجي الهائل والأقمار الصناعية ووسائل الذكاء الاصطناعي والقدرة على التصنت واختراق أجهزة الاتصالات، ولا شك أنه يتلقى دعما هائلا من أجهزة الاستخبارات الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة، لكن الأهم أن الاختراق الحالي أثبت أن للموساد عشرات وربما مئات العملاء على الأرض، وربما أثبت أن هناك بالفعل قاعدة راسخة على الأرض، وبحسب وكالة ” نورنیوز” الإيرانية فهناك بنية شبكية موزعة لعملاء الموساد، وليست حالات فردية منعزلة.
لقد كلفت الاختراقات الأمنية إيران ثمنا باهظا جدا، وذلك بالرغم من أن هذا الملف كان من المفترض أن يكون حاضرا بعد اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الشهيد إسماعيل هنية قبل 11 شهرا، وبعد هجوم البيجر واغتيال أمين عام حزب الله حسن نصر الله ونائبه هشام صفي الدين وقادة الصف الأول للحزب.
لقد ثبت فشل طهران في تحصين نفسها بعد كل تلك العمليات، لكنها اليوم لا تجد نفسها في ترف الوقت، بل يفترض أن عليها الآن قلب كل حجر في طهران وفي عموم إيران لاكتشاف عملاء الموساد الذي خدموا على الأرض.
العملاء أنواع؛ منهم من يتعاون مع العدو بالإغراءات المادية، ومنهم عن طريق الابتزاز، لكن أحقر وأنذل أنواع العملاء وأخطرهم هم الذين يتطوعون لخدمة العدو ظنا منهم أنه يعمل لمصلحتهم!!
أولئك يعتقدون أنهم يخدمون أنفسهم ومصالحهم، وبعضهم يعتقد أنه يخدم مصلحة بلاده، لكنهم يكتشفون بعد انتهاء مهامهم أنهم مجرد أدوات رخيصة الثمن وأحذية يمكن خلعها بسرعة.
كان هؤلاء يأملون بإسقاط النظام الحاكم في إيران، وقد يكون بعض أنصار الكيان داخل وخارج إيران يجهزون أنفسهم للاستفادة من ذلك، لكن الكيان لم ينظر إلى مصالح هؤلاء أو حتى إلى أمنهم الشخصي عندما رأى أن يوقف حربه ضد إيران دون إسقاط النظام.
لقد أدى عملاء الموساد المطلوب منهم بدقة، لكن مهمتهم قد انتهت ولم يعد بحاجة لهم بعد أن انكشفت أوراقهم، وما عليهم الآن سوى الاختباء مثل الفئران، ويواجهوا مصيرهم المحتوم.
لا زالت صور عملاء أمريكا الفيتناميين والأفغانيين وهم يحاولون تسلق طائرات المحتل الهاربة ليتساقطوا ويتلقفهم الثوار تذكّر بأن هذا هو مصير العملاء دائما.
تشير الأنباء إلى أن الحملة على عملاء الموساد بدأت، وهناك أخبار عن اعتقال أكثر من 700 شخص، وقد تم بالفعل تنفيذ حكم الإعدام بحق أربعة أشخاص بتهمة العمالة للموساد.
فهل يتعظ عملاء الكيان في قطاع غزة الذين كشفوا عن أنفسهم، حين سينسحب العدو من هناك ويتركهم لمواجهة مصيرهم!!
The post الخاسر الأكبر appeared first on السبيل.
المصدر: موقع أخبار الأردن
© 2025 جميع الحقوق محفوظة - موقع أخبار الأردن