مفارقة الإحتواء والتصعيد الأمريكية- الإيرانية إلى أين؟
اختبار نوايا الولايات المتحدة الأمريكية بالعودة إلى طاولة المفاوضات يتطلب استعدادًا أميركيًا لتقبّل ضربة إيرانية قوية وقاسية تمس قواعد ومصالح الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة، دون ذلك فإن الإعلانات والنوايا الطيبة التي يعبر عنها مسؤولو البيت الأبيض بدعوة طهران العودة إلى طاولة المفاوضات لا محل لها من الإعراب ولن تؤخذ على محمل الجد.
اختبار نوايا الإدارة الأمريكية ومصداقيتها المعدومة ضرورة ملحة لرفع الغطاء عن استراتيجية التصعيد والاحتواء الأمريكية الهادفة إلى تفكيك النظام والدولة الإيرانية بل والإقليم برمته، فاستهداف القواعد الأمريكية والقطع البحرية على نحو مباغت وامتناع الولايات المتحدة الأمريكية عن الرد ضرورة يمكن أن تعيد الثقة إلى طاولة المفاوضات ولمسار الدبلوماسية مصداقية معقولة.
قبول طهران دعوات المسؤولين الأمريكيين دون توجيه ضربة قوية تتناسب مع طبيعة العدوان الأمريكي لن يفضِ إلا إلى مزيد من القوة الأمريكية وصولًا إلى استسلام إيراني وخضوع كامل لآلية التفاوض المقترنة بالضغوط العسكرية والاقتصادية المزدوجة، فالضربة العسكرية سرعان ما تتكرر عند أول محطة للخلاف على طاولة المفاوضات.
للخروج من حالة الانكشاف الاستراتيجي الأمريكي يقترح بعض المسؤولين الأمريكيين أن تقوم إيران برد متناسب، متفق عليه مع الولايات المتحدة، مسألة تضعف من الموقف التفاوضي لإيران مستقبلاً كونها تؤكد فاعلية الردع الأمريكي، وقدرة إدارة ترامب على احتواء ردود الفعل السياسية والعسكرية الإيرانية، متسببة في انقسام داخلي إيراني وفي ذات الوقت مفقدة طهران ثقة حلفائها وشركائها الدوليين، ما يدخل إيران في متاهة قاتلة تفضي إلى إضعاف سيادتها وتفكيك شراكاتها الإقليمية والدولية ونظامها السياسي أيضًا.
فشل الولايات المتحدة في الاختبار يعمق الانكشاف الاستراتيجي الأمريكي ويضعف هامش المناورة السياسية والعسكرية لواشنطن وذلك بغض النظر عن كلف رد الفعل والعنف الأمريكي المتوقع، وهي مكاسب إيرانية تتضاعف في حال نجاح إيران في احتواء الضربة الأمريكية وصولًا إلى تفكيك الاستراتيجية الأمريكية وإدخالها في ردود فعل متبادلة وتصعيد طويل يشبه ما يحدث في أوكرانيا، أمر تخشاه واشنطن والرئيس الأمريكي ترامب خوفًا من ارتداداته على الساحة الداخلية الأمريكية المهيأة للانقسام والتفكك.
أخيرًا، الرد الإيراني القوي والعنيف استحقاق سياسي وعسكري لابد منه، يخبر الاستراتيجية الأمريكية ويعمد إلى تفكيك عناصرها، يقابله رد ضعيف على نحو يشجع أمريكا والكيان الإسرائيلي على المضي قدمًا في استراتيجيتها للاحتواء السياسي والعسكري للجمهورية الإسلامية الإيرانية وبدون سقوف زمانية أو مكانية.
The post مفارقة الإحتواء والتصعيد الأمريكية- الإيرانية إلى أين؟ appeared first on السبيل.
المصدر: موقع أخبار الأردن
© 2025 جميع الحقوق محفوظة - موقع أخبار الأردن