التدخل الأمريكي والتكيف العربي المرتقب

لدينا سيطرة كاملة وشاملة على سماء ايران هذا ما صرح به دونالد ترامب على موقع (تروث سوشيال) يوم أمس الثلاثاء، وأعاد تأكيده مساء اليوم الأربعاء داعيا إيران للاستسلام وبدون شروط ملوحا بالتدخل العسكري المباشر دعما للكيان الإسرائيلي، ليرد عليه المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي بان إيران لن تستسلم لا على طاولة المفاوضات ولا في ساحة الحرب.
التقديرات الامريكية والغربية تشير الى ان الكيان الإسرائيلي بات عالقا في حرب استنزاف لا مخرج منها إلا بتدخل اميركي بحسب تقدير المستشار الالماني فريدريش ميرتس، الذي حذر بان “اسرائيل لوحدها لا تستطيع القضاء على البرنامج النووي الإيراني”.
كفة التدخل الأميركي باتت راجحة بعد ان دحرج نتنياهو كرة الحرب مستفيدا من عودة ترامب الى البيت الأبيض، ومن سيطرة تيار يمين أميركي متطرف على مفاصل الإدارة الامريكية، فبعد 100 من فوضى المواجهات وحملات التطهير السياسي الداخلي تمكن ترامب من ترسيخ نفوذه في البيت الأبيض، وفي وزارة الدفاع البنتاغون والأمن القومي، والخارجية، وبات معارضوه ملاحقون في شوارع المدن الأمريكية من قبل قوات مكافحة الشغب، امن المهاجرين الأميركي و الامن الفيدرالي، كان آخرهم مرشح نيويورك لمنصب العمدة، و تعرض آخرون للترهيب والتصفية الجسدية والاغتيال كان آخرهم النائبة في مجلس نواب مينيسوتا ميليسا هورتمان وزوجها، في حين أصيب زميلها السيناتور المحلي الديمقراطي جون هوفمان وزوجته إيفيت، في إطلاق نار في موقعين مختلفين صباح السبت الماضي.
ترامب يبدو في أفضل حالاته لاتخاذ قرار الحرب والتدخل العسكري ضد إيران، فالأمر لم يعد يتعلق بقناعاته الشخصية وقناعات المحيطين به من سياسيين وإعلاميين من أمثال المتطرف مارك ليفين، بل قناعات الدولة العميقة في اميركا التي اسقط بيدها بعد تورط الكيان الإسرائيلي فالخشية من استنزافه وتراجعه تقويض للنفوذ الأمريكي في الإقليم ونصر يسجل لصالح الصين وروسيا والقوى الإقليمية المناهضة للنفوذ الأمريكي.
العودة للخلف باتت مستحيلة والتورط الأمريكي لم يعد احتمالا بل امر واقع يجب التعامل معه والحد من آثاره وتداعياته، الأمر الذي تحاكيه دول المنطقة العربية على الأرجح لإعادة التكيف السلبي في جوهرة، فالفوارق الجغرافية بعدا وقربا من الحرب وخطوط تماسها القائمة تترك آثارا سلبية على فرص التكيف العربي وفاعليته هذه المرة، فما بين سلطنة عمان والإمارات العربية وقطر والبحرين والكويت والسعودية والعراق والأردن وسوريا ومصر ولبنان تباينات كبيرة، تحددها ديناميكيات الحرب الجغرافية والسياسية والاقتصادية والعسكرية بل والتقنية الى حد كبير، لتزيد من تشرذم مواقفها وتباينها قوة و ضعف.

The post التدخل الأمريكي والتكيف العربي المرتقب appeared first on السبيل.