كمين جباليا.. المقاومة ما زالت حاضرة (تحليل)

السبيل – خاص
في ظل عدوان متواصل منذ أكتوبر 2023، تُظهر المقاومة الفلسطينية، وفي مقدمتها كتائب القسام، حضوراً ميدانياً فاعلاً ومتزايد التأثير، كما عكسته عملية جباليا أمس الاثنين، التي أدت إلى مقتل ثلاثة جنود من لواء “جفعاتي” وإصابة آخرين في كمين معقد، بحسب اعتراف جيش الاحتلال الإسرائيلي.

وتأتي هذه العملية ضمن سلسلة من الاشتباكات التي تنفذها المقاومة في عمق المواجهة، وغالباً من مسافة صفر، وهو ما يشير إلى قدرة تنظيمية وقتالية متقدمة في ظل بيئة ميدانية خانقة.

وتؤكد الاشتباكات في جباليا، شرق الشمال المحاصر، أن المقاومة ما زالت تحتفظ بقدرتها على المناورة، رغم مرور أكثر من 20 شهراً على الحرب، واستهداف البنية التحتية بشكل ممنهج. ولا يعكس هذا الحضور فقط بقاء المقاومة، بل يشير إلى تطور في تكتيكاتها، خصوصاً في استخدام الكمائن المعقدة والقتال القريب، ما يربك حسابات الاحتلال الذي يعتمد في الأساس على التفوق الجوي والاستخباراتي لإضعاف الكتائب.

ويمثل كمين جباليا تأكيداً على أن حالة الإنهاك التي يسعى الاحتلال إلى ترسيخها في الوعي العام لم تتحقق بعد، وأن خيار المقاومة لا يزال حياً، وأن أي سيناريو لإعادة ترتيب غزة دون حضور المقاومة سيفشل، وأن مماطلة الاحتلال في عقد صفقة للتبادل تنهي الحرب على القطاع ستكون وبالا على جيشه الهمجي.

ويعكس اعتراف جيش الاحتلال بمقتل وإصابة آلاف الجنود، إضافة إلى شكاوى من نقص في القوة البشرية بسبب القتلى والإصابات والصدمات النفسية، حالة إنهاك عسكري، وأزمة داخل المنظومة القتالية، وخاصة أن الانتقادات الصادرة عن ضباط احتياط تكشف عن تضارب في الرؤية العسكرية والسياسية، وخلل في آلية اتخاذ القرار، في وقت تتزايد فيه عزلة حكومة الاحتلال سياسياً وأخلاقياً.

وتكشف عمليات المقاومة، لا سيما في جباليا، عن دينامية قتالية تجاوزت توقعات الاحتلال، رغم الظروف الصعبة، سواء في الميدان أو على الصعيد الإنساني، وتعكس فهما عميقا لطبيعة المعركة لدى المقاومة، وأنها معركة استنزاف طويلة الأمد، تعتمد على النفس الطويل، والمرونة، والاستعداد للتضحية، في مقابل منظومة عسكرية متطورة تقاتل على أرض لا تفهمها، وتواجه خصماً لا يخضع لقواعد الحرب التقليدية.

The post كمين جباليا.. المقاومة ما زالت حاضرة (تحليل) appeared first on السبيل.