البعد الديني في الحروب الصهيونية ضد غزة

من المعتاد أن تُسمّى الحروب استنادًا إلى توقيتها، أو موقع اندلاعها، أو مدتها الزمنية، لكن نظرة فاحصة في الحروب التي يشنّها الكيان الصهيوني على قطاع غزة تكشف عن نمط مختلف، إذ تحمل معظم هذه الحروب أسماءً ذات دلالات توراتية، تعكس البعد العقائدي الذي يحرص عليه اليمين الصهيوني المتطرف.

فإطلاق هذه الأسماء ليس مجرد اختيار عابر، بل هو جزء من استراتيجية تهدف إلى إضفاء طابع ديني مقدس على العمليات العسكرية، بغرض تعبئة الجنود نفسيًا وعقائديًا، وتقديم الحرب على أنها مهمة إلهية. كما يسهم هذا التأطير في تعقيد فرص الوصول إلى تسويات سياسية، حيث يتحول الصراع إلى قضية إيمانية يصعب التنازل عنها.

وفيما يلي عرض لأبرز الحروب الصهيونية ضد غزة، وبيان ارتباط أسمائها بالنصوص التوراتية:

1- عملية “الرصاص المصبوب”
(2008-2009م):
يحمل هذا الاسم دلالة توراتية تشير إلى التطهير بالنار، وصهر الشرور كما ورد في سفر زكريا، ويُستخدم كمجاز للعدالة الإلهية وإنهاء الفساد.

2- عملية “عمود السحاب” (2012م):
يستند الاسم إلى سردية خروج بني إسرائيل من مصر، حيث كان الرب، حسب التوراة، يسير أمامهم بعمود من سحاب نهارًا وعمود من نار ليلًا ليهديهم ويحميهم، كما جاء في سفر الخروج.

3- عملية “الجرف الصامد” (2014م):
رمز للقوة والثبات في مواجهة الأعداء، وهو مستمد من سفر إشعيا الذي يتحدث عن مجيء الرب بقوة، في رسالة تعكس فكرة الصمود والعزم التوراتي.

4- عملية “حارس الأسوار” (2021م):
يشير الاسم إلى الحراسة الدائمة للمدن والشعب، ويظهر في سفر إشعيا أيضًا، حيث يُكلّف الحراس بالتنبيه من الأخطار واليقظة المستمرة لحماية أورشليم.

5- عملية “الفجر الصادق” (2022م):
يرمز إلى الأمل والنور بعد الظلمة، وإلى انتصار النور الإلهي على الظلم، وهي دلالة متكررة في عدة مواضع من التوراة، منها سفر المزامير وملاخي وميخا.

6- عملية “السيوف الحديدية” (2023م):
تحمل دلالة على القوة الساحقة والدمار، كما ورد في سفر دانيال الذي يشبّه المملكة الحديدية بالقوة التي تسحق كل ما يقف في طريقها.

7- عملية “عربات جدعون” (2025م جارية):
اسم مستلهم من قصة جدعون في سفر القضاة، حيث انتصر مع جيش صغير على أعداء كثُر بمعونة الرب، في رسالة توراتية تؤكد أن الإيمان والطاعة هما طريق النصر.

هذه الحروب وما تحمله من تسميات توراتية تؤكد أن الصراع مع الكيان الصهيوني ليس سياسيًا فحسب، بل هو في جوهره صراع ديني وعقائدي. ومن هنا، فإن التصدي لهذا المشروع لا يكون فاعلًا إلا من خلال قوة عقائدية مضادة، تؤمن بأحد الحسنيين: النصر أو الشهادة.

The post البعد الديني في الحروب الصهيونية ضد غزة appeared first on السبيل.