ميناء غزة.. مرفق ترفيهي شاهد على مأساة نزوح هربا من الموت (تقرير)

السبيل – الأناضول

تحول ميناء غزة البحري، الذي كان يوما يعج بالحياة والجلسات الترفيهية، إلى ملاذ مؤقت للنازحين الفلسطينيين الهاربين من نيران القصف الإسرائيلي، بعد أن دمرت آلة الإبادة منازلهم، ودفعتهم للجوء إلى خيام بدائية لا تقي حرا ولا بردا.

فلم يعد الميناء مجرد مرفق ترفيهي هادئ على شاطئ المتوسط والذي كان يحتضن نزهات العائلات، بل أصبح شاهدا على مأساة الإبادة الجماعية التي ترتكبها “إسرائيل” بغزة.

وعلى امتداد رصيف الميناء، تنتشر خيام هشة من القماش والنايلون، نصبت بعجلة وبلا ترتيب، لتصبح مأوى لعائلات كاملة دون ماء ولا كهرباء ولا حمامات ولا طعام كاف، في ظل خوف وعجز.

** أطفال حفاة ومجاعة تزداد

وأمام تلك الخيام، أطفال حفاة يلهثون بحثا عما يسد رمقهم، بملابس بالية، ووجوه شاحبة، وعيون تفتش في الوجوه عن أمان مفقود، وعن رغيف غائب.

وأفاد أحد المراسلين، الذي تجول بين النازحين ونقل معاناتهم، بأن آلاف العائلات نزحت من شمال قطاع غزة هربا من الغارات الإسرائيلية المكثفة، بحثا عن مأوى آمن.

وأوضح أن النازحين يسيرون على الأقدام أو يستخدمون عربات تجرها الحيوانات، في ظل انعدام وسائل النقل ودمار الطرق الرئيسية والفرعية.

وأضاف أن الأهالي اضطروا إلى مغادرة منازلهم أو الخيام ومراكز الإيواء التي كانوا يقيمون فيها، دون أن يتمكنوا من اصطحاب متعلقاتهم.

وأدت حرب الإبادة الإسرائيلية إلى نزوح أكثر من مليوني فلسطيني في قطاع غزة، يعيشون اليوم في ظروف غير إنسانية وسط دمار واسع في البنية التحتية وغياب المأوى، حسب المكتب الإعلامي الحكومي في غزة.

** ظروف إنسانية مأساوية

وقال وديع الدهشان (65 عاما)، وهو نازح من منطقة الشيخ زايد شمال قطاع غزة، إنه عانى الويلات من النزوح القسري، مشيرا إلى أن هذه هي المرة الـ16 التي ينزح فيها منذ بداية الإبادة.

وأضاف: “أعاني من الفقر والجوع، وعدم توفر حياة بشرية، مثلي كباقي سكان القطاع”.

ولفت إلى أنه نزح من مدرسة كانت تؤويه بعد قصف منزله، لكن إطلاق النار والقذائف الليلة الماضية اضطره إلى اللجوء لخيمة في ميناء غزة، فلا مكان آخر له.

وقال: “عشنا رعبا وخوفا، ونعيش أياما لا يتحملها البشر” مضيفا أن الميناء يفتقر إلى الحياة الإنسانية، حيث لا مياه ولا طعام ولا مراحيض.

** ليلة قاسية

من جهتها، قالت فلسطين أبو طبق، النازحة من بلدة جباليا، إنها عاشت ليلة قاسية من القصف وإطلاق النار.

وأضافت: “نزحنا من جباليا، مشينا من الصباح حتى المساء دون طعام، وتعرضنا لإطلاق نار من الطائرات المسيرة (الكواد كابتر)”.

وأوضحت أنها نزحت ليلا عبر طريق وعر دون إنارة، فقط بـ”ضوء الصواريخ والمدافع الإسرائيلية”، دون طعام ولا ماء.

ولفتت إلى أنها مشت مسافة طويلة حتى وصلت إلى ميناء غزة، حيث نصبت خيمة لأفراد عائلتها، مشيرة إلى أنها نزحت 14 مرة منذ بداية الحرب.

وقالت: “خرجنا فقط بالملابس التي نرتديها، دون أي مقتنيات أخرى، لجأنا إلى الميناء لعدم وجود خيار آخر”.

وأضافت أنها تتمنى فقط الحصول على رغيف خبز في ظل المجاعة التي تحيط بالقطاع.

** معاناة لا تنتهي

أما يحيى نايف، من سكان بلدة بيت لاهيا شمال القطاع، فقال إنه كان يقيم في منزله الذي تعرض لتدمير جزئي خلال الحرب، لكن عندما اشتد القصف وإطلاق النار اضطر إلى مغادرته واللجوء إلى خيمة في ميناء غزة.

وأضاف للأناضول: “لا طعام ولا شراب، نعيش في معاناة”، مطالبا الجهات المعنية بالاهتمام بالفلسطينيين في غزة في ظل الإبادة الإسرائيلية.

كما قالت الفلسطينية عايشة عابد من مخيم جباليا، إنها عانت الويلات في ظل الحرب، وعدم توفر المسكن والطعام والماء.

وأضافت: “لا يوجد خبز ولا دقيق ولا طعام ولا شراب، نريد الراحة، نعيش دون مقومات للحياة”.

وعن نزوحها إلى ميناء غزة، قالت: “وصلنا في ساعات المساء مشيا على الأقدام، دون وسائل نقل”.

والخميس، أنذر جيش الاحتلال الفلسطينيين في 14 حيا في بلدتي جباليا وبيت لاهيا، تضم مرافق صحية وأخرى تؤوي نازحين، بإخلائها فورا تمهيدا لتوسيع الهجوم العسكري، في إطار الإبادة التي يرتكبها بدعم أمريكي.

يأتي هذا التهديد في ظل استمرار الإبادة للشهر العشرين، والتصريحات الإسرائيلية التي تتحدث عن توسيع الحرب من خلال عملية “عربات جدعون” التي من المرجح أن تستمر لأشهر وفق إعلام عبري.

وتتضمّن عملية “عربات جدعون” الإخلاء الشامل لسكان غزة بالكامل من مناطق القتال، بما في ذلك شمال غزة، إلى مناطق في جنوب القطاع”، على أن “يبقى” الجيش في أي منطقة “يحتلّها”.

وبدعم أمريكي مطلق، ترتكب “إسرائيل” منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، جرائم إبادة جماعية في غزة خلّفت أكثر من 175 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، بجانب مئات آلاف النازحين.

The post ميناء غزة.. مرفق ترفيهي شاهد على مأساة نزوح هربا من الموت (تقرير) appeared first on السبيل.