“الأورومتوسطي”: الاحتلال يهندس التجويع والتهجير لطرد أهالي غزة جماعيًا
السبيل – غزة
قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، إنّ التصعيد الإسرائيلي في سياسة التهجير الجماعي داخل قطاع غزة يمثل تطبيقًا عمليًا واضحًا لشرط رئيس الوزراء الإسرائيلي “بنيامين نتنياهو”، الذي أعلن أمس اشتراطه وقف العدوان بتنفيذ خطة الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” لترحيل الفلسطينيين من غزة، وهو ما يعدّ اعترافًا صريحًا بأن العدوان لم يكن موجّهًا ضد فصيل عسكري بعينه، بل ضد الوجود الفلسطيني ككل.
وأشار المرصد (حقوقي مقره جنيف)، في بيان صحفي اليوم الخميس، إلى أنّ سياسة القتل والتجويع والتدمير التي تنتهجها “إسرائيل” منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 ليست أحداثًا عرضية، بل أدوات ممنهجة في إطار جريمة إبادة جماعية، تُنفَّذ ضمن خطة تهجير قسري واسعة النطاق تُدار بوعي سياسي وعسكري بهدف معلن هو تفريغ القطاع من سكانه.
وأوضح أنّ قوات الاحتلال الإسرائيلي أصدرت منذ بداية العام الجاري ما لا يقل عن 35 أمر تهجير قسري داخل قطاع غزة، أثّرت على أكثر من مليون شخص، في وقت يتأثر فيه جميع السكان أصلًا من أوامر تهجير سابقة، بينما تواصل “إسرائيل” حصرهم في منطقة ضيقة على الساحل الجنوبي، تمهيدًا لطردهم قسرًا خارج وطنهم، تماشيًا مع “خطة ترامب” التي أعاد “نتنياهو” تبنّيها مؤخرًا كشرط سياسي لإنهاء العمليات العسكرية.
وأضاف المرصد أنّ أحدث هذه الأوامر صدرت ظهر اليوم الخميس، حيث طالب جيش الاحتلال جميع السكان في شمال قطاع غزة، وتحديدًا أحياء: “غبن”، “الشيماء”، “فدعوس”، “المنشية”، “الشيخ زايد”، “السلاطين”، “الكرامة”، “مشروع بيت لاهيا”، “الزهور”، “تل الزعتر”، “النور”، “عبد الرحمن”، “النهضة”، و”معسكر جباليا”، بإخلائها والتوجه نحو الجنوب.
وبيّن أنّ هذه الأوامر سبقتها يوم الإثنين الماضي أوامر تهجير واسعة طالت غالبية أحياء محافظة خانيونس جنوب القطاع، وطُلب من سكانها التوجه إلى “المواصي”، إلى جانب أوامر أخرى لإخلاء مناطق في شمال غزة ومدينة غزة باتجاه الجنوب.
وشدّد الأورومتوسطي، على أنّ هذه الأوامر تصدر دون أي مبرر عسكري، بل حتى من دون الذرائع المعتادة كإطلاق الصواريخ، ما يعكس أن “إسرائيل” لم تعد تحاول توفير غطاء شكلي لجرائمها، وأن التهجير ذاته أصبح هدفًا رئيسيًا في سياستها لاقتلاع السكان ضمن جريمة إبادة جماعية مكتملة الأركان.
وذكر المرصد أنّ حملة التهجير الجارية هي الأخطر منذ بدء جريمة الإبادة، إذ تتزامن مع تصعيد سياسة التجويع، وتوسيع التدمير المنهجي لما تبقى من منازل وبنية تحتية، بالتزامن مع إعلان “إسرائيل” نيتها تفريغ مناطق كاملة، واستخدام المساعدات المشروطة كوسيلة لدفع السكان نحو مناطق محددة.
ولفت إلى أن تصريحات نتنياهو الأخيرة، والتي قال فيها إن وقف العدوان مرهون بتهجير الفلسطينيين وفق خطة ترامب، تمثّل إعلانًا صريحًا عن سعي لإبادة جماعية وتهجير منظم، وسط صمت دولي مطبق، وفرّ بيئة آمنة لمواصلة الجرائم دون مساءلة.
وذكر البيان أن مئات الآلاف من المدنيين اضطروا لترك منازلهم تحت القصف، وساروا لمسافات طويلة سيرًا على الأقدام، حاملين ما أمكن من متاع، باحثين عن مأوى في مناطق مكتظة بالنازحين لا تسلم هي الأخرى من القصف، كما هو الحال في “مواصي” خانيونس ورفح، التي شُنت فيها غارات مؤخرا أسفرت عن مقتل وإصابة مئات المدنيين داخل الخيام.
وأضاف أن آلاف العائلات أُجبرت على النزوح في ظروف إنسانية قاسية، دون طعام أو ماء أو وسيلة نقل أو وجهة آمنة، وسط غياب أي ممرات إنسانية أو أماكن إيواء مناسبة. واضطر كثيرون إلى التوجه نحو مناطق مكتظة ومكشوفة تتعرض للقصف، ما جعل حركة النزوح نفسها خطرًا وجوديًا دائمًا.
وأكد المرصد أن جيش الاحتلال، رغم دفعه للمدنيين نحو “المواصي” باعتبارها “منطقة آمنة”، قصفها بشكل متعمد، حيث ارتكب فجر اليوم الخميس مجزرة بحق عائلة فلسطينية، راح ضحيتها “أشرف خريش”، وزوجته “سحر محمد خريش”، وطفلاهما “باسل” و”أحمد”، في جريمة تثبت أن “مناطق الأمان” ليست إلا أماكن قتل مُعدّة سلفًا.
وشدّد المرصد على أن نمط أوامر التهجير، وسياسات التجويع وتوزيع المساعدات، جميعها تشكل مكونات متكاملة لخطة إسرائيلية تنفذ بلا مواربة، نحو الطرد الجماعي للفلسطينيين خارج قطاع غزة، بعد أكثر من 19 شهرًا من جرائم إبادة جماعية شملت قتل وإصابة أكثر من 175 ألف مدني، وتدمير البنية التحتية، وتجريف مقومات الحياة، وتهجير السكان داخليًا بشكل منهجي، ضمن مخطط يقضي على الجماعة الفلسطينية ككيان ووجود.
وقال المرصد إن خطط التهجير هذه تمثل امتدادًا مباشرًا لمشروع “إسرائيل” الاستيطاني الاستعماري الممتد منذ عقود، والقائم على محو الوجود الفلسطيني والاستيلاء على الأرض. لكنه حذر من أن ما يميز المرحلة الحالية هو اتساع نطاقها وخطورتها، إذ تستهدف 2.3 مليون إنسان حُرموا من حقوقهم الأساسية، ويُدفعون قسرًا لمغادرة وطنهم ليس كخيار، بل كشرط للنجاة، في واحدة من أوضح عمليات التهجير الجماعي المخطط لها في التاريخ المعاصر.
وطالب المرصد الأورومتوسطي جميع الدول، فرادى وجماعيًا، بتحمّل مسؤولياتها القانونية، والتحرك العاجل لوقف الجرائم الجارية في غزة، واتخاذ تدابير فورية وفعالة لحماية المدنيين الفلسطينيين، ومنع تنفيذ جريمة التهجير القسري التي تنفذ علنًا وتستهدف سكان القطاع بالكامل.
وتواصل “إسرائيل” سياسة تجويع ممنهج لنحو 2.4 مليون فلسطيني بغزة، عبر إغلاق المعابر بوجه المساعدات المتكدسة على الحدود منذ 2 مارس/آذار الماضي، ما أدخل القطاع مرحلة المجاعة وأودى بحياة كثيرين.
وكان الاحتلال الإسرائيلي قد استأنف فجر 18 آذار/مارس 2025، عدوانه وحصاره المشدد على قطاع غزة، بعد توقف دام شهرين بموجب اتفاق لوقف إطلاق النار دخل حيز التنفيذ في 19 كانون الثاني/يناير الماضي، إلا أن الاحتلال خرق بنود الاتفاق طوال فترة التهدئة.
وبدعم أميركي وأوروبي، ترتكب “إسرائيل” منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، إبادة جماعية في قطاع غزة، أسفرت عن أكثر من 175 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم من الأطفال والنساء، إضافة إلى أكثر من 14 ألف مفقود.
The post “الأورومتوسطي”: الاحتلال يهندس التجويع والتهجير لطرد أهالي غزة جماعيًا appeared first on السبيل.
المصدر: موقع أخبار الأردن
© 2025 جميع الحقوق محفوظة - موقع أخبار الأردن