العقلية الانجليزية
<p>يحكى أن مهندسا انجليزيا كان يعمل في شركة ألمانية في إحدى الدول العربية في ثلاثينيات القرن الماضي.</p>
<p>اختار المهندس الإنجليزي أن يسكن في شقة صغيرة في حي شعبي مزدحم.</p>
<p>كان يستيقظ صباحا ويحلق ذقنه، ويلبس بدلة وربطة عنق وحذاء نظيفا ويسرح شعره بعناية ويضع قليلا من العطر، ثم يخرج عبر زقاق ضيق مشيا على قدميه حاملا حقيبته.</p>
<p>كان منظره غريبا بالنسبة لصبية الحي، وكان كلما يخرج من سكنه يلاحقه الصبية الحفاة بملابسهم الرثة، ويبدأون بالضحك عليه والركض وراءه مصفقين ومصفرين باستهزاء، وأحيانا رشقه بالحصى والتراب.</p>
<p>وبرغم امتعاضه منهم، إلا أنه كان يسير دون أن ينهرهم حتى يصل إلى الشارع العام حيث يتركونه هناك.</p>
<p>كان مصرا على عدم ترك سكنه نظرا لأجرته المتدنية.</p>
<p>ورغم مرور أشهر، إلا أن الصبية ظلوا على عادتهم معه، حتى اهتدى إلى فكرة خبيثة.</p>
<p>فما كان منه إلا أن دعا زميله المهندس الألماني عصبي المزاج الذي يعمل معه في نفس الشركة، ويسكن في حي آخر بأجرة عالية، ليسكن معه في الشقة بدون أجر.</p>
<p>وافق المهندس الألماني بسرعة، وحمل أمتعته، وسكن مع زميله الإنجليزي.</p>
<p>كانت عادات ولباس المهندس الألماني شبيهة بعادات ولباس المهندس الإنجليزي.</p>
<p>في الصباح تعمد المهندس الإنجليزي أن يتأخر قليلا، فغادر المهندس الألماني إلى عمله، وما أن خرج من الباب حتى تداعي الصبية عليه وبدأوا بـ”زفته” كما كانوا يفعلون مع المهندس الإنجليزي، إلا أن المهندس الألماني لم يتحمل تلك السخرية، وبدأ يلاحق الصبية وهم يهربون منه في الأزقة، وظل يلاحقهم ويصرخ فيهم ويشتمهم بالألمانية والعربية المكسرة، وهم يواصلون التصفيق والتصفير والاستهزاء به وشتمه، وما أن يتعب حتى يعودوا إليه، وما إن يركض نحوهم ليمسك بأحدهم حتى يهربوا.</p>
<p>ظل المهندس الإنجليزي يتعمد التأخر، ليخرج المهندس الألماني لتبدأ المطاردات بينه وبين صبية الحي. وما أن يتعب صبية الحي ويعودوا إلى بيوتهم، حتى يخرج المهندس الإنجليزي من سكنه بأمان وسلام دون أن يزعجه أحد.</p>
<p>وبعد شهر كامل من المناوشات بين المهندس والألماني والصبية، تخللتها إمساكه بالعديد من الصبية وضربهم ضربا مبرحا، ملّ الصبية وباتوا يخشون من عصبية المهندس الألماني.</p>
<p>وعندما ترك الصبية تلك العادة، واستقرت الأجواء، طلب المهندس الإنجليزي من زميله الألماني ترك السكن بحجة أن السكن بات يضيق عليهما.</p>
<p>وهكذا استطاع المهندس الإنجليزي بهذه الحيلة التخلص من شغب الصبية.</p>
<p>يبدو أن أحدهم في هذه الأيام قرر استدعاء المهندس الألماني عصبي المزاج؛ لكن نأمل أن يكون ذلك الاستدعاء بشكل مؤقت، وأن لا يصبح رفيقه الدائم في الغرفة.</p>
<p>The post العقلية الانجليزية appeared first on السبيل.</p>
<p>اختار المهندس الإنجليزي أن يسكن في شقة صغيرة في حي شعبي مزدحم.</p>
<p>كان يستيقظ صباحا ويحلق ذقنه، ويلبس بدلة وربطة عنق وحذاء نظيفا ويسرح شعره بعناية ويضع قليلا من العطر، ثم يخرج عبر زقاق ضيق مشيا على قدميه حاملا حقيبته.</p>
<p>كان منظره غريبا بالنسبة لصبية الحي، وكان كلما يخرج من سكنه يلاحقه الصبية الحفاة بملابسهم الرثة، ويبدأون بالضحك عليه والركض وراءه مصفقين ومصفرين باستهزاء، وأحيانا رشقه بالحصى والتراب.</p>
<p>وبرغم امتعاضه منهم، إلا أنه كان يسير دون أن ينهرهم حتى يصل إلى الشارع العام حيث يتركونه هناك.</p>
<p>كان مصرا على عدم ترك سكنه نظرا لأجرته المتدنية.</p>
<p>ورغم مرور أشهر، إلا أن الصبية ظلوا على عادتهم معه، حتى اهتدى إلى فكرة خبيثة.</p>
<p>فما كان منه إلا أن دعا زميله المهندس الألماني عصبي المزاج الذي يعمل معه في نفس الشركة، ويسكن في حي آخر بأجرة عالية، ليسكن معه في الشقة بدون أجر.</p>
<p>وافق المهندس الألماني بسرعة، وحمل أمتعته، وسكن مع زميله الإنجليزي.</p>
<p>كانت عادات ولباس المهندس الألماني شبيهة بعادات ولباس المهندس الإنجليزي.</p>
<p>في الصباح تعمد المهندس الإنجليزي أن يتأخر قليلا، فغادر المهندس الألماني إلى عمله، وما أن خرج من الباب حتى تداعي الصبية عليه وبدأوا بـ”زفته” كما كانوا يفعلون مع المهندس الإنجليزي، إلا أن المهندس الألماني لم يتحمل تلك السخرية، وبدأ يلاحق الصبية وهم يهربون منه في الأزقة، وظل يلاحقهم ويصرخ فيهم ويشتمهم بالألمانية والعربية المكسرة، وهم يواصلون التصفيق والتصفير والاستهزاء به وشتمه، وما أن يتعب حتى يعودوا إليه، وما إن يركض نحوهم ليمسك بأحدهم حتى يهربوا.</p>
<p>ظل المهندس الإنجليزي يتعمد التأخر، ليخرج المهندس الألماني لتبدأ المطاردات بينه وبين صبية الحي. وما أن يتعب صبية الحي ويعودوا إلى بيوتهم، حتى يخرج المهندس الإنجليزي من سكنه بأمان وسلام دون أن يزعجه أحد.</p>
<p>وبعد شهر كامل من المناوشات بين المهندس والألماني والصبية، تخللتها إمساكه بالعديد من الصبية وضربهم ضربا مبرحا، ملّ الصبية وباتوا يخشون من عصبية المهندس الألماني.</p>
<p>وعندما ترك الصبية تلك العادة، واستقرت الأجواء، طلب المهندس الإنجليزي من زميله الألماني ترك السكن بحجة أن السكن بات يضيق عليهما.</p>
<p>وهكذا استطاع المهندس الإنجليزي بهذه الحيلة التخلص من شغب الصبية.</p>
<p>يبدو أن أحدهم في هذه الأيام قرر استدعاء المهندس الألماني عصبي المزاج؛ لكن نأمل أن يكون ذلك الاستدعاء بشكل مؤقت، وأن لا يصبح رفيقه الدائم في الغرفة.</p>
<p>The post العقلية الانجليزية appeared first on السبيل.</p>